يضع السودانيون لمساتهم الخاصة في عيد الفطر المبارك، لتوطيد أواصر التقارب والتواصل الاجتماعي وتأكيد الكرم المحلي الأصيل.
ويمتاز العيد السوداني بنكهة خاصة، ورغم اختلاف العادات والتقاليد من ولاية إلى أخرى، إلا أنها تشترك جميعها في الحرص على أداء صلاة العيد في الميادين العامة، وتناول وجبة الإفطار في اليوم الأول بشكل جماعي عند الشارع الرئيسي أو بالقرب من منزل أكبر سكان الحي سناً.
ويحرص الجيران على جلب الإفطار كلٌّ من منزله، والذي يحوي أطعمة شعبية، منها العصيدة (طحين يطبخ على ماء مغلي وملح بشكل كثيف) وطبيخ أو "تقلية" (وهي بامية مجفّفة تطبخ باللحمة والصلصة والبهارات وتوضع على العصيدة) بالإضافة إلى السمك والشعيرية.
ويتميز الشارع السوداني صباح العيد بارتداء الرجال للزي القومي "جلابية وعمة وطاقية" والنساء "ثوب أبيض"، ويحرص الطرفان على ارتداء تلك الملابس لأداء صلاة العيد ثم ينتقل الناس منها لمعايدة الجيران.
وقبل العيد بيوم يجوب الأطفال السودانيون الأحياء وهم يرددون أغاني محلية خالصة، عبر الطرق على الآلات المحلية "طبل وغيرها" ليتجاوب معهم الأهالي، لاسيما من كان لديهم ميت، بأن يدفع لهؤلاء الأطفال بـ"الرحمتات" وهي عبارة عن فتّة وأرز ولحم، توزع كصدقة على روح الميت.
ودرج السودانيون في الأعياد على زيارة موتاهم، كما يحرص الجيران والأقارب على زيارة من كان لهم ميّت قبل العيد وحمل أنواع من الخبائز والحلوى، كنوع من المواساة.
طعم خاص
لكل منطقة في السودان تقليدٌ خاصٌّ يميّزها في احتفائها بالعيد، ويرى أحمد يونس الذي ينحدر من منطقة شمال كردفان غرب السودان، أن للعيد في منطقته مذاقاً خاصاً، الأمر الذي يجعله يحرص على قضاء العيد بين أهله هناك رغم عمله بالعاصمة، وكذلك يفعل كثير من السودانيين، ويوضح أن أكثر ما يميز منطقته حرص أهلها على الصلاة في الخلاء خارج القرية والإفطار بشكل جماعي بوسط القرية.
ويوضح أنه عقب الصلاة تقام الاحتفالات بحلول العيد، ويوزع التمر والحلوى وتحشى بها جيوب الأطفال كعيدية رئيسية. ويتداعى النساء والرجال إلى أداء الرقصات الشعبية "الطمبور" و"النقارة" "والمردوم".. مضيفاً أنه يسمح للفتيات في تلك الاحتفالات بـ"الشبال" وهي تحية تقدمها الفتاة أثناء الرقص لمن يعجبها من الشبان، بأن تسند رأسها إلى كتفه وتلقي عليه شعرها.
ويؤكد يونس أن العيد في منطقتهم يقضونه على مرّات، إذ يشاركون جيرانهم ممن ينتمون لأصول غرب أفريقية فرحة العيد، لاسيما أنهم لا ينهون صيامهم إلا برؤية الهلال.
أما صلاح مضوي، فيقول إن التجهيزات في منطقته عادة ما تبدأ باكراً بحرص النساء على إعداد كعك العيد وأنواع الخبائز الأخرى، والاهتمام بتجميل المنزل وشراء احتياجات الأطفال من الملابس وخلافه. ويؤكد أنهم في صباح العيد يحرصون على أداء الصلاة في الميادين العامة التي يسيرون إليها عبر النوبات وطارات الذكر "تقليد صوفي"، وعند الفراغ من الصلاة تعلو الأصوات بالتهليل والتكبير وإطلاق الأعيرة النارية في الهواء، وإظهار الفرحة بمقدم العيد، ويوضح "كما تقام حلقة كبيرة للذكر تردّد خلالها القصائد الصوفية"، وعند اكتمال تلك الطقوس يحرص الجميع على تناول الإفطار في مجموعات في أحد المنازل.
ويقول الطاهر موسى إن الاحتفال في إقليم دارفور، الذي يشهد حرباً منذ 2003، بدأ منذ ليلة السابع والعشرين من رمضان، إذ يحرص شباب المنطقة على تنظيف الشوارع، وعند إعلان العيد تطلق الأعيرة النارية في الهواء وتعلو أصوات التكبير والتهليل، والتي على صوتها أيضاً يستيقظ الجميع صباح العيد ليتوجهوا إلى أكبر ساحات المساجد لأداء الصلاة.
ويضيف أن أغلب المصلّين يحرصون عقب الصلاة على معايدة ناظر القبيلة في منزله باعتباره أعلى جهة.
ويؤكد أنهم في دارفور يحرصون على الاحتفال "بالنقارة" (آلة موسيقية محلية) والرقص على أنغامها حتى الساعات الأولى من الصباح طوال أيام العيد، على أن يشترك في الرقصات نساء ورجال، كما تمنح المرأة صاحبة أفضل رقصة تكريماً خاصاً عبر وضع مبالغ مالية على رأسها.